أحمد يحيى
لأول مرة يتكلم أحمد يحيى.. المعروف بسمير أخو عبد الحليم في فيلم "حكاية حب"، و المخرج الرومانسي الكبير
حاليا
أحمد يحيى بدأت علاقته بحليم منذ كان في العاشرة حين قام بدور أخو حليم في فيلم "حكاية حب" ثم أختاره حليم أيضا ليقوم بدور أخو زيزى البدراوى في بطولة فيلم "البنات و الصيف" الذي لعب بطولته حليم و سعاد حسنى.. ثم كان أحمد مساعد مخرج ثالث في الفيلم الرائع لحليم "أبى فوق الشجرة"..
بالطبع استمرت الصداقة بينهما حتى آخر يوم سافر فيه حليم من مصر في رحلة العلاج الأخيرة يقول أحمد يحيى: أيام "أبى فوق الشجرة"كان هناك خلاف دائم بين حسين كمال و وحيد فريد. كانت بداية الفيلم في لبنان لتصوير أغنية "جانا الهوا".. و بعدين انتقل التصوير لمصر.. كنت أنا المساعد الثالث لحسين كمال.. و كان مسند لي مهمتين. الأولى: كتابة تقارير التصوير اليومية التي ترسل إلى معمل "دنهم" بلندن (معامل متخصصة للطبع و التحميض)
الثانية: متابعة إرشادات المخرج و توجيهاته. كان السائد في ذلك الوقت أن تطبع نسخة العمل أبيض و أسود لتقليل التكاليف، و أنا ظللت أسبوع أكتب التقارير طالبا نسخة عمل ألوان..جاء مجدي العمروسى مدير الإنتاج و سألني إن كنت طلبت أن تكون نسخة العمل ألوان، فأومأت برأسي.. و انهار مجدي..و قال لي أنت كده تكلفني كثير.. أرسل تلغراف حالا للندن و أطلب أن يتم الطبع أبيض و أسود!! فجأة دخل حليم و سأل: الماتيريال حييجى امتى؟ أنا عاير أشوف الألوان..
هنا نظرت في عين مجدي العمروسى و قلت له:
الأستاذ عبد الحليم عايز يشوف الألوان.. نخلى النسخة أبيض و أسود و لا ألوان؟
هنا هاج حليم و قال :
أبيض و أسود أنا مستعد لأي تكلفة علشان أطمئن على ألوان الفيلم مش كده و لا إيه يا مجدي؟
أطرق مجدي و قال:
طبعا يا أستاذ عبد الحليم النسخة لازم تكون ألوان.
خرج حليم من هنا و نظرت إلى مجدي فقال لي:
أوعى تقول لحليم اللي حصل.
يستطرد أحمد يحيى:
عبد الحليم كان يهتم جدا بعمله و لم يكن يهمه أبدا التكلفة إذا كانت في مقابل الجودة.
رغم أن عبد الحليم كان منتج الفيلم مع محمد عبد الوهاب "شركة صوت الفن" إلا أن حليم هدد مجدي أكثر من مرة
بأنه لن يحضر التصوير إذا لم يأتوا بالقسط الخاص به.. كان مجدي العمروسى في ذلك الوقت يعمل مدير للشركة.
كنا نسهر أنا و عبد الحليم كل ليلة في فندق بالشاطبى بالإسكندرية أثناء تصوير الفيلم بصحبة مجموعة من بنات فرقة رضا اللاتي اشتركن في رقصات أغاني الفيلم.
و بالطبع كان حليم رقيقا جدا معهم مما أعطى الإحساس لكل واحده منهم انه قد يبوح لها بحبه قريبا.
في مره قلت له الفرقة كلها بتحبك أنت مبتحبش و لا واحده منهم؟ قال أنا لازم أحبهم كلهم علشان الشغل يطلع حلو لكن الحب اللي أنت تقصده مش موجود مع آي واحده فيهم.
حدث خلاف بين حسين كمال و حليم أثناء تصوير الفيلم.. و كنت أنا الواسطة.. لعلاقتي الطويلة بحليم.
كان حليم يستدعيني و يقول لي وجهة نظره التي يريد أن ينقلها لحسين كمال، و كان حسين كمال يرد على حليم من خلالي.. أذكر أن حليم دخل التصوير متأخرا ، فوجد مشهد لسمير صبري و شلة بنات و هم يلقون البيرة على رؤوسهم.. فاستدعاني حليم و طلب منى أن أحكي له المشهد، فأخطرني أن أبلغ حسين كمال أن عليه إلغاء هذا المشهد و تصويره بطريقة أخرى..
و ظللت لفترة واسطة بينهما حتى تم الصلح.
في ليلة العرض الخالص لفيلم "أبى فوق الشجرة" حضر محمد عبد الوهاب و شاهد الفيلم و خرج محبطا إحباطا شديدا.. و سأل:
هو فيلم الخطايا قعد كام أسبوع في السينما؟ قيل له إحدى عشره أسبوعا.. فقال: الفيلم ده لو قعد ستة أسابيع يبقى كويس!! كيف يغامر حليم و يظهر في مشاهد يعتبر فيها (قواد) و خرج عبد الوهاب و عبد الحليم و مجدي العمروسى و وحيد فريد و هم محبطين...
و لكن الله أراد أن بكون توقيت عرض الفيلم عقب نكسة 1867.. فالجو المرح الذي كان يمتلئ به الفيلم و الألوان الطبيعية و حلم السفر لبيروت كل هذه العوامل ساهمت في أن يستمر عرض الفيلم ستة و ثلاثين أسبوعا.. و هنا حدث الخلاف.. فقد أعلن وحيد فريد مدير التصوير أن تصويره هو أهم أسباب نجاح الفيلم، بينما نادية لطفي أعلنت أن دورها و رقصتها الشهيرة التي وضعت فيها المرأة حول وسطها هي أهم أسباب نجاح الفيلم، بينما حسين كمال مخرج الفيلم أعلن: أنا السبب طبعا في نجاح الفيلم فلم يحدث أن استمر عرض أي فيلم قبل ذلك لمدة ستة و ثلاثين أسبوعا!!
إلى أن جاءت جلسة في الغرفة الملحقة بحجرة عبد الحليم في بيته بالزمالك.. الغرفة التي كنا نجلس فيها لسماع الموسيقى و لعب الكوتشينة..و دار الحديث عن أسباب نجاح الفيلم. فكان رأيي أن الفيلم يحمل عوامل النجاح و لكنها كانت غير مقصودة من أحد على الإطلاق. فالفيلم طبق إحدى النظريات التي يحملها كتاب إنجليزي بعنوان علم الاتصال بالجماهير (ماس كوميونيكاشون) ..
اهتم حليم و ترك ما في يده و سألني عما في الكتاب، ثم سألني إذا كان الكتاب موجود عندي في البيت.. قلت له نعم.. فأصر على أن أنزل في الثالثة صباحا لإحضار الكتاب.. و فعلا أحضرت له الكتاب، بعد أربعة و عشرين ساعة قال لي كلامك مضبوط 100% علميا و أن التوفيق حالفنا في النجاح رغم إننا بذلنا مجهود كلنا إلا أننا لم نكن نقصد تحقيق هذا النجاح.
آخر ليلة سافر فيها حليم و لم يعد ذهبت إليه و سهرت معه قلت له أنا أول فيلم مثلته في حياتي كان معك و أول فيلم عملت فيه مساعد مخرج كان معك و أريد أن تكون معي في أول فيلم أخرجه.. سألني كيف و قد انتهيت من تصوير الفيلم (فيلم العذاب امرأة).. طلبت منه أن يضع صوته على مقدمة الفيلم قال لي: من عينيه..
بس أنا مسافر بكره كما تعلم أجل المقدمة و حينما أعود سأسجل لك المقدمة بصوتي و سأذهب معك إلي حفل افتتاح الفيلم و سأرفع يدك و أقول للمتفرجين إن أخي سمير قد صار مخرجا!! احتضنته و قبله و سهرنا نضحك حتى الصباح و سافر حليم و لم يعد