العندليب و الطبيب


حين رآه الطبيب النفسي في لندن عام 1966 قال له افتقادك لامك جعلك في حالة توجس من كارثة قادمة , وافتقاد الحبيبة جعلك تعيش في انتظار الصدمة , قال عبد الحليم نعم فالمرأة التي تملأ قلبي تماما غير موجودة ,المرأة التي يمكنها أن تحتضن كل أحزاني تماما لم أعثر عليها , بل وأخاف أن أعثر عليها حتي لاتتعرض إلي قدر سييء وحين أخرج من تجربة عاطفية ناقصة بإرادتي أنا, أعاني من الإحساس بأن كل شئ بلا طعم وتملكني زهق رهيب ولاأعرف كيف أستقر في أي مكان وتقف دموعي تحت جفوني وأختنق بالرغبة في البكاء وأخاف علي نفسي من حزن الفراق ولذلك لاأترك المسائل العاطفية تصل إلي مرحلة الاكتمال .

قال الطبيب: وهنا تغني , تمثل الغناء , تنقي نفسك بتحويل الحالة العاطفية إلي استعراض كامل بالصوت الجميل فتشدو فتنجذب فراشة جديدة تحوم حول قلبك , فيقول قلبك لها

آسف سوف تحترقين لو اقتربت , فتدمن الفتاة الاقتراب منك , فتقول بينك وبين نفسك كده أحسن وتفضل وضع الانسان غير المرتبط لفترة , لكنك تشتاق لحالة الانسجام التي توجدبين الرجل والمرأة , فتبدأ قصة جديدة , ألم جديد , خوف جديد , زهق جديد , يقول عبد الحليم للطبيب هذا حقيقي, يقول الطبيب : وهذا لازم لك لانك لاتغني لان صوتك جميل فقط, ولكن لان صوتك يعبر عنك وينقل حالة التعبير هذه إلي المستمعين , أنت حالة غناء ولست مجرد مطرب محترف

تساءل عبد الحليم : هل معني ذلك أنني نفسي أيضا؟

ضحك الطبيب: لا .. ولو لم تكن تغني لصرت بالفعل من أخطر المرضي النفسيين ويريحك الغناء من كل ذلك ,لان الغناء بالنسبة لك هو استعراض عاطفي شامل فأنت تعيش حياتك ثم تختار كلمات أغنية ثم تتفق مع الملحن فتكاد أن تلخص باختيارك للكلمة وللحن حالتك النفسية ثم تقف علي المسرح لتقول للناس ماالذي يجري بداخلك , أنت تقدم تقريرا عاطفيا للمجتمع الذي يسمعك . وأدار الطبيب شريط أغنية في يوم في شهر في سنة تهدي الجراح وتنام وعمر جرحي أنا أكبر من الأيام.